3. بنيان الشيوخ .. بأساس مشروخ

بعد تأسيس الإسلام، جرى تمييز أشخاص من أتباعه بوصفهم علماء أو “أهل العلم”. وقد أدى هذا التمييز بهم إلى أن يحقّروا الآخرين ويصفوهم بأنهم “عوامّ” و”جهّال”. شجّعهم على ذلك عدم توفر وسائل التعليم للناس. هل يرضى أحد من الأجيال المتعلمة أن يصنَّف بأنه من العوامّ والجهّال؟

يتجرأ بعض المفتين على تحريم المباحات، ويُكثرون في فتاويهم من عبارة “هذا لا ينبغي”. ومنذ أن كنت في المدرسة وأنا أستنكر هذا؛ فالدروس الدينية الإجبارية -للأسف- كانت تُلقَّن لنا، شاغلة الحيز الأكبر من أوقاتنا المدرسية، وقد تَعلّمنا أنواع الأحكام (وجوب، تحريم، استحباب، كراهة، إلخ)، ولم يكن منها بتاتًا نوع اسمه “بُغية”. هذه من التفاصيل التي أسهمت في إدراكي للتأثير البشري في الدين الذي يزعمون أنه خالص لله وحده بطاعة أوامره واجتناب نواهيه، حتى استوعبت أن الدين في أصله وأساسه بشري.

فيما يلي بعض من الشيوخ المتأخرين ذوي التصور الخاطئ المبيّن في القسم السابق:

الشيخ عبدالعزيز بن باز
رئيس إدارات البحوث العلمية والإفتاء، المفتي العام للسعودية حتى 1999
قال في كتابه “الأدلة النقلية والحسية على إمكان الصعود إلى الكواكب وعلى جريان الشمس والقمر وسكون الأرض“: قد دل القرآن الكريم والأحاديث النبوية وإجماع علماء الإسلام والواقع المشاهد على أن الشمس جارية في فلكها […] وأن الأرض ثابتة قد بسطها الله […] فمن زعم خلاف ذلك وقال إنَّ الشمس ثابتة لا جارية فقد كذّب الله وكذّب كتابه […] وكل من كذب الله سبحانه أو كذب كتابه الكريم أو كذب رسوله […] فهو كافر ضال مضل يُستتاب فإن تاب وإلا قُتل كافرًا مرتدًا ويكون ماله فيئًا لبيت مال المسلمين كما نص على مثل هذا أهل العلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
(عبدالعزيز آل الشيخ، صالح الفوزان، عبداللـه بن غديان، عبدالرزاق عفيفي، عبدالعزيز بن باز)

الفتوى 15255 – دوران الأرض
السؤال: أنا مدرس في إحدى مدارس منطقة الرياض لمادة الجغرافيا، وحيث إنه قد ورد إلي موضوع يتعلق بدوران الأرض حول نفسها وحول الشمس وحيث إنه قد سبق وأن قرأت كتابًا لسماحتكم، حيث كان هناك تعارض بين ما ذكرتموه سماحتكم وبين الكتاب المدرسي لذا أرجوا إفادتي.
الجواب: يجب على مدرس الجغرافيا إذا عرض على الطلاب نظرية الجغرافيين حول ثبوت الشمس ودوران الأرض عليها أن يبين أن هذه النظرية تتعارض مع الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وأن الواجب الأخذ بما دل عليه القرآن والسنة ورفض ما خالف ذلك. ولابأس بعرض نظرية الجغرافيين من أجل معرفتها والرد عليها كسائر المذاهب المخالفة، لا من أجل تصديقها والأخذ بها.

العلّامة يحيى بن علي الحجوري
كتاب الصبح الشارق (صدر عام 2000) – ص196: فالذي يعتقد أن الأرض تدور وتتحرك يجب عليه أن يلتمس لهذا القول دليلاً من القرآن والسنة، وإلا كان صاحب معتقد فاسد لا يعتمد على دليل عن الله ورسوله. وأنّى لصاحب هذا القول الدليل؟ فدون ذلك خرط القتاد؛ وإنما هي الشُبه ..

العلّامة محمد بن عثيمين
في مجموع فتاويه – المجلد الأول (صدر عام 1993) – الربوبية – 24: .. فإننا مستمسكون بظاهر الكتاب والسنة من أن الشمس تدور على الأرض دورانًا يحصل به تعاقب الليل والنهار، حتى يقوم دليل قطعي يكون لنا حجة بصرف ظاهر الكتاب والسنة إليه – وأنى ذلك – فالواجب على المؤمن أن يستمسك بظاهر القرآن الكريم والسنة في هذه الأمور وغيرها […] .وأما ما ذكره علماء الفلك العصريون، فإنه لم يصل عندنا إلى حدّ اليقين فلا ندع من أجله ظاهر كتاب ربّنا وسنة نبينا […] لأن القرآن الكريم كلام الله تعالى الذي هو خالق الكون كله، والعالم بكل ما فيه من أعيان وأحوال، وحركة وسكون، وكلامه تعالى أصدق الكلام وأبينه، وهو سبحانه أنزل الكتاب تبيانًا لكل شيء، وأخبر سبحانه أنه يبين لعباده لئلا يضلوا.

الشيخ عبدالكريم الحميد (سيرته) – هداية الحيران في مسألة الدوران (الإبطال بالأدلة النقلية والعقلية لنظرية دوران الأرض)، كتاب ضخم.. مخصص لنَفي دوران الأرض (صدر في النصف الثاني من القرن العشرين)
الشيخ حمود التويجري – كتاب الصواعق الشديدة على أصحاب الهيئة الجديدة (صدر عام 1968 – الفهرس)
الشيخ محمد بن عبداللـه الإمام – كتاب نقض النظريات الكونية (صدر عام 2008)

هؤلاء الشيوخ وغيرهم، بنوا أقوالهم على كتاب اسمه القرآن؛ لا برهان على صحة ما فيه، ولا على أنه من علّام للغيوب؛ لذا.. يجب تبديل صفتهم من “أهل العلم” إلى أهل الجهل.

كم ضاعت أوقات بقراءة أضغاث أهدرت المحابر
وكم انزعجت نفوس بسماع جهالات شغلت المنابر